علم الديناميك الحراري(Thermodynamics ) : ما هو ؟ وما هي أهم قوانينهُ و تطبيقاته؟
الديناميكا الحرارية
هل سألت نفسك يوماً ماهي النواة العلميّة الاولى التي تبث الحركة في محطات الطاقة الكهربائيّة و إلى مختلف أنواع محركات الإحتراق الداخلي وصولاً إلى عمليات التبريد والتدفئة؟ إذا راودتك كُل تِلك الاستفسارات عزيزي القارئ، سنعرض في هذا المقال شرحاً وافياً عَن هذا العلم الواسع.
علم الديناميك الحراري أو علم الترموديناميك أو Thermodynamics
يُعد علم الترموديناميك من أهم العلوم التي تبحث في مجال الإستفادة من مختلف أنواع الطاقات وتحويلها إلى أعمال يمكن الإستفادة منها .
يعود تاريخ علم الترموديناميك لعام 1849 والذي فيه تم لأول مرة استخدام مصطلح الترموديناميك في منشور علمي للأستاذ وليم طومسون الملقب ب لورد كالفن (Lord Kelvin) ، وأيضاً ظهر هذا المصطلح عام 1859 في كتاب الفيزيائي والمهندس الاسكتلندي وِليام رانكين(William Rankin).
قوانين علم الترموديناميك
إن علم الترموديناميك وقوانينه ينشآن من جمع نوعين من القوانين الأساسية التي هي قانون إنحفاظ الكتلة(Conservation of Mass) مع قانون إنحفاظ الطاقة(Conservation of Energy) ، وتِبعاً لذلك فإن قوانين علم الترموديناميك تصنف إلى أربع قوانين هي :
القانون الصفري (The Zeroth Law) :
قام بوضعه العالم فولر (Fowler) عام 1931، حيث يُعنى هذا القانون بالتوازن الحراري بين الأجسام ومفاهيم درجات حرارتها. وينص على إنه إذا وجِد جسمان(غير متصلان) في حالة توازن حراري مع جسم ثالث فإن هذان الجسمان يكونان في حالة توازن حراري فيما بينهما.
القانون الأوّل( The First Law) :
ينتُج عن قانون إنحفاظ الطاقة ويُعبّر عن التوازن الكمّي (الجبري) للطاقة ، وينص على أن مجموع اشكال الطاقة(عمل، حرارة، تدفّق كتلة) الداخلة إلى النظام الترموديناميكي مطروحاً منه مجموع أشكال الطاقة الخارجة من هذا النظام يساوي إلى التغيّر في الطاقة الكلية للنظام (داخليّة، حركيّة، كامنة).
القانون الثاني( The Second Law) :
يؤكد هذا القانون على أن كافة العمليات تحدث في اتجاه استهلاك الطاقة اي إن الطاقة هي مقدار كمّي ونوعي معاً، وأما هذه النوعية فتعني مدى الإستفادة من الطاقة المُستهلكة و يُقدم أيضاً مبدأ زيادة الإنتروبيّة.
القانون الثالث( The Third Law) :
ينص هذا القانون على أن إنتروبية النظام تقترب من قيمة ثابتة مع اقتراب درجة الحرارة من الصفر المُطلق، بإستثناء المواد الصلبة ذات التركيب المجهري غير البلوري (الزجاج).
ما هي تطبيقات علم الترموديناميك الهندسية؟
يُولى علم الترموديناميك أهمية واسعة كونه اللّبنة الأولى في التطبيقات الهندسية التي تسلّط الضوء على عمليات تحويل الطاقة إلى أعمال يتم الإستفادة منها في توليد الطاقة الكهربائيّة أو في تحريك المركبات... الخ، وعملياتها العكوسة بأستخدام هذه الاعمال وامتصاص الطاقة وتوظيفها في عمليات التبريد والضغط... إلخ.
سنتعرّف الآن على مجموعة من التطبيقات الهندسية الشائعة في حياتنا اليومية والتي تستخدم علم الترموديناميك.
1-محطات توليد الطاقة الكهربائيّة (Electrical Power Station) :
يتم إنتاج الطاقة الكهربائيّة عن طريق العديد من أنواع المحطات لذلك سنركّز في هذا المقال على المحطات الغازية والذي يكون بخار الماء المُحمّص وسيط التشغيل لها وسنتناول في مقال لاحق عن تصنيفات هذه المحطات بالتفصيل.
إن القسم الفعّال في هذه المحطات والذي يُطبق فيه قوانين علم الترموديناميك هو التوربين الغازي الذي يُقاد بالبخار المحمّص كما في الصورة:
يتم رفع درجة حرارة الماء(سائل التبريد المُعمّق)(sub-coled liquid) أولاً بأستخدام وسيط تسخين ممكن أن يكون الوقود أو الفحم الحجري.... إلخ،
حيث ترتفع درجة حرارة الماء حتى حد الغليان ويترافق مع هذا التحوّل الطوري زيادة الحجم النوعي للماء وندعوا هذه النقطة من صفات الماء الفيزيائية(البارامترات) بالسائل المشبع( saturated liquid) ، يتم الاستمرار برفع درجة حرارة الماء وهُنا يمر بحالة مزيج طوري بين السائل والبخار المُشبع حتى يتحوّل كامل السائل المشبع إلى بخار مشبع( Saturated Vapor) ، يتم الاستمرار برفع درجة الحرارة حتى يُصبح البخار المشبع بُخار مُحمّص (Super Hated Vapor) ويتمتع هذا النوع من البخار ببارامترات استثنائية تجعله غازاً مثالياً و وسيطاً رائعاً لقيادة التوربين الضخم وتدويره بسرعة وبعزم دوران وقدرة كافية لكي تجعل المولّد( Generator) قادراً على إنتاج الطاقة الكهربائيّة.
توضّح الصورة رسماً تخطيطياً لمحطة طاقة بخاريّة:
2-مُحركات الإحتراق الداخلي( Internal Combustion Engines) :
تُعد محركات الاحتراق الداخلي من أكثر المحركات شيوعاً في المركبات التي نستخدمها في حياتنا اليومية والتي تعتمد على الوقود العطري في المركبات والآليات الخفيفة أو الوقود الثقيل في المركبات والآليات الثقيلة،
وسنتحدث في هذا المقال على محركات الإحتراق الداخلي والتي يكون فيها الإحتراق(الإنفجار) متقطعاً(محركات أوتو، محركات الديزل)، على عكس محركات الاحتراق الداخلي والتي يكون فيها الإحتراق(الإنفجار) مستمراً (المحركات النفّاثة) والتي سنتناولها في مقال مفصّل.
تُعد محركات الاحتراق الداخلي والتي يكون فيها الإنفجار متقطع نموذج مثالي على تطبيق قوانين علم الترموديناميك.
إن القسم الفعّال في هذه المحركات هو نظام إسطوانة_مكبس والذي من خلاله يتم تحويل الطاقة الناتجة عن إنفجار الوقود إلى عمل ميكانيكي وفق الآلية التالية:
يدخل خليط من الوقود العطري ممزوجاً بالهواء إلى القسم العلوي من الإسطوانة عبر صمام الدخول والذي تم مزجه في جهاز يُدعى( Carburetor)، بعد دخول المزيج من الصمام يُغلق هذا الصمام ويكون هُنا المكبس في أسفل الاسطوانة وتدعى هذه العملية بالشوط الاوّل للمحرك ، يرتفع المكبس نتيجة العزم الناتج عن حركة المكابس الأخرى في أثناء عمل المحرك أو بأستخدام دارة تحريكية للمكابس في وضع بدء التشغيل، بإرتفاع المكبس إلى القسم العلوي للإسطوانة ينضغط المزيج الغازي في القسم العلوي للإسطوانة والمحكم الإغلاق، يؤدي هذا الانضغاط إلى رفع درجة حرارة المزيج وزيادة ضغطه وحجمه النوعي وينتهي هنا الشوط الثاني (شوط الانضغاط). يبدأ الشوط الثالث(شوط القدرة أو التوسّع) بشرارة من شمعة الإحتراق (Spark Plug) والتي توجد في أعلى القسم العلوي للإسطوانة تؤدي إلى إنفجار المزيج في أعلى الحجرة ممَ يدفع المكبس إلى أسفل الإسطوانة نتيجة الضغط ودرجة الحرارة المرتفعين الناتجين عن الإنفجار، يفتح صمام العادم ويعود المكبس للأرتفاع إلى القسم العلوي للإسطوانة بدفع العزم الناتج عن دوران عمود المرفق ويدفع معه غازات الإحتراق إلى خارج الإسطوانة.
تتكرر هذه الدورة الترموديناميكية بسرعة كبيرة ووتتحول طاقة الإنفجار إلى عمل ميكانيكي. توضّح الصورة رسماً تخطيطياً لأشواط محرك الإحتراق الداخلي وأقسامه الرئيسية :
3- نُظم التبريد( Refrigeration Systems) :
تُعد نُظم التبريد الترموديناميكية من أفضل ما توصّل إليه العلم لخدمة الإنسان على مر العقود من بعد اكتشاف علم الترموديناميك، تقوم هذه النظم بشكل مباشر على قوانين علم الترموديناميك وفق نظام عكسي لأي عملية ترموديناميكية وبعكس عمليات تحويل الطاقة للحصول على اعمال!
فهُنا نستطيع القول إنه يتم صرف الأعمال على أجهزة لأمتصاص الطاقة الحرارية التي يمتلكها النظام.
تتنوّع طرق التبريد واساليبها إلى عدد كبير من الطرق لذلك سنتناول طريقة التبريد الشائعة في حياتنا اليومية والتي تستخدم في الثلاجات المنزلية والتي تعمل وفق الآلية التالية :
تتكون أغلب الثلاجات من :
- الضاغط(Compressor)
- انابيب التبادل الحراري الخارجية(External Heat-exchanging pipes)
- انابيب التبادل الحراري الداخلية(Internal Heat-exchanging pipes)
- السائل المبرّد(Refrigerant)
- صمّام التمدد( Expansion Valve)
- المُبخّر(Evaporator)
يقوم أولاً الضاغط برفع ضغط وسيط التبريد(بخار مشبع) ممَ يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارته(بخار محمص) ، يوجّه وسيط التبريد إلى أنابيب التبادل الحراري الخارجية فيفقد طاقة حرارية عبر هذه الأنابيب وعندما يصل إلى نهايتها يتكاثف ويتحول إلى سائل دافئ(سائل مشبع)، يمر بعدها وسيط التبريد إلى صمام التمدد فيقوم بخفض ضغطه المرتفع إلى ضغط منخفض ويترافق هذا التحوّل بانخفاض درجة حرارة الوسيط الذي يُصبح بحالة مزيج طوري بين سائل-بخار مشبع، يمر بعدها إلى المُبخّر الذي يقوم بتحويل كامل السائل المشبع إلى بخار مشبع وتنخفض درجة حرارته أيضاً، ثم يوجه وسيط التبريد ذو درجة الحرارة المنخفضة والطور البخاري إلى أنابيب التبادل الحراري الداخلية فيقوم بحمل طاقة حرارية من حجرة التبريد ثم يعود ليتوجه إلى الضاغط وبذلك تُغلق هذه الدورة الترموديناميكية.
تتكرر هذه الدورة الترموديناميكية حتى تنخفض درجة حرارة حجرة التبريد إلى الحد المطلوب ثم يقوم حسّاس كهربائي بفصل التيار (العمل الكهربائي) عن الضاغط إلى حين عودة ارتفاع درجة حرارة حجرة التبريد لدرجة معينة موضوعة مسبقاً .
ففي النهاية إذا نظرنا حولنا سنجد إن علم الترموديناميك يحكم آلاف التطبيقات الهندسية وملايين الظواهر الطبيعية التي تحدث يومياً لأن قوانينهُ تم استنتاجها من الحياة وهذه القوانين هي التي تحكم الحياة بأثباتات علماء أجروا آلاف التجارب والعمليات ليثبتوا هذا الشيء.
ولم يتوقفوا هُنا بل رأوا أن كوننا هو طاقة لا متناهية وهذه الطاقة تحكم كوننا ( ex:Dark Energy ) ، وتستمر الاكتشافات المذهلة يومياً في هذا العلم الواسع والرائع لتُذهلنا بدقة وروعة كوننا وعالمنا.
مكتشفين علم وقوانين الترموديناميك والمدارس التي انشأوها :
Keep inspiring 👏🏻👏🏻
ردحذف