ما هو علم الميكانيك ؟ ما هي أقسامه ؟ و ما هي مراحل اكتشافه ؟
إن الكون الذي نعيش فيه في حالة حركة دائمة فلا يوجد جسم في هذا الكون بحالة سكون فكثير من الأجسام تتحرك على سطح الأرض التي بدورها تتحرك حول محورها الهندسي و تدور حول الشمس في مدار ثابت حالها كحال باقي كواكب المجموعة الشمسية التي تتحرك أيضاً بين عدد هائل من النجوم المتحركة في الفضاء .
و حركة هذه الكواكب و النجوم يقابل مثيل آخر في أدق أجزاء المادة و هو الذرة ؛ ذلك الجزء الذي يموج بالحركة و هناك كثير من الظواهر حولنا كالضوء و الكهرباء التي تمثل أشكالاً متنوعة للحركة .
هذا الذي يطرح في أذهاننا سؤال :
كيف تنشأ الحركة و هل هي الحياة بحد ذاتها ؟
إن هذا السؤال هو صلب علم الميكانيك
فعموماً تنشأ الحركة من تغيير المادة بصورها المختلفة مكانها و موضعها في لحظات زمنية متفاوتة .
و بناءً على ذلك فالمادة و الزمان و المكان هما عناصر الحركة الاساسية .
و إن سكون الأجسام ما هو إلا سكون نسبي فمثلاً اتزان المنشآت على سطح الأرض و هو سكون بالنسبة للأرض التي تكون بحالة حركة مستمرة بالنسبة للشمس كما أسلفنا أعلاه .
أما علم الميكانيك فإنه ينقسم من حيث المادة إلى :
✓ علم ميكانيك الموائع :( Mechanics of fluid )
و يتضمن :
علم ميكانيك السوائل
علم ديناميك الغازات
✓ علم ميكانيك المرونة و اللدونة :
(Mechanics of Elasticity and plasticity)
الذي يبحث بمرونة الجسم و قابليته لتغيير شكله و أبعاده عن تعرضه بمؤثرات خارجية و عودته لشكله الاصلي عند زوالها أو عدم حدوث ذلك .
✓ علم ميكانيك الجسيمات و الأجسام المتماسكة :
(Mechanics of particals and rigid bodies )
و ينقسم لفرعين رئيسيين هما :
+ علم السكون (Statics ):
يبحث في الدراسات العامة للقوى و شروط اتزان الأجسام المادية و يخدم هذا العلم الإنشاء الهندسي عموماً .
+ علم التحريك (Dynamics):
يبحث في وصف الحركة و دراسة مقوماتها و يهتم بأسباب حدوثها و القوى المطبقة على الأجسام المادية المتحركة .
فيتفرع علم التحريك لفرعين هما :
∆علم الحركة المجردة (Kinematics):
الذي يهتم بالخواص الهندسية لحركة الأجسام المادية و بوصف الحركة وصفاً مجرداً دون التطرق لكتلتها و تأثير القوى عليها فهو يدرس حركة الأجسام دون الاهتمام بمسببات الحركة .
∆ علم التحرك (Kinetics):
يهتم هذا العلم في تكييف القوى للحركة و بربط القوى المطبقة على الأجسام بحركتها الناتجة عن هذه القوى ؛
بمعنى آخر فهذا العلم يدرس حركة الأجسام مع أسبابها .
مراحل اكتشاف علم الميكانيك :
دأبت البشرية لآلاف السنين للحصول على تعليلات علمية للظواهر الميكانيكية التي توجد في عالمها ؛
و يعود فضل ذلك إلى المصريين القدماء الذين طوروا علم السكون بصفة خاصة و يشهد بذلك ما شيدوه من مبان ضخمة راسخة عبر الزمن .
و كان أرخميدس اليوناني ( 287-212 ق.م ) من أول الباحثين في قوانين الروافع و المستوى المائل و طفو الأجسام بعد أن خمدت جذوة هذا العلم .
حتى عاد مع بداية عصر النهضة في القرن الخامس عشر الميلادي باستثناء المجهود الذي بذله أبو الفتوح الخازني
عن فكرة الجاذبية الأرضية التي تحدث عنها في كتابه ميزان الحكمة عام (1122) ؛ قبل اكتشاف نيوتن لها بخمس قرون !
فعلم الميكانيك علم قديم دان تطوره عن العشرين قرناً و الذي مازال يتطور حتى هذه اللحظة ؛ فعرف اليونان مفهوم السرعة إلا أن مفهوم التسارع لم يطرح إلا في آواخر القرن الرابع عشر ؛ و دُرست حركة سقوط الأجسام في القرن الخامس عشر فحينها دخلت أولى محاولات التعبير الرياضي لترجمة النتائج التجريبية ؛ أما مفهوم الكتلة فبقي غامضاً حتى القرن السابع عشر .
العقبات التي واجهت علم الميكانيك
الصعوبات التصميمة و عدم وجود أجهزة لقياس الزمن في ذلك الوقت التي تعتبر - أجهزة قياس الزمن- حديثة مقارنةً بأجهزة قياس الأبعاد و المسافات و أجهزة قياس القوة التي أمكن صنعها منذ القديم .
أما في التاريخ الحديث فوضع العالم الإيطالي
غاليليو غاليلي أسس علم التحريك بدراسة حركة الأجسام بحالات حركتها المتنوعة ؛ و يعود له الفضل في إيجاد التقريب العلمي للمسائل الرياضية .
لكن التطورات الهامة التي حدثت في علم التحريك لم تظهر إلا عند اختراع الساعة ذات النواس عام( 1657) من قبل العالم الميكانيكي الهولندي كريستيان هويغنز الذي كان أول من درس النواس المركب و أدخل مفهوم عزم العطالة للجسم .
فيما تمكن العالم إسحاق نيوتن الأستاذ في جامعة كامبريدج -مستخدماً الأعمال التي عمل عليها غاليليو -
من وضع الصيغ الدقيقة لعلم الحركة ( الأساسيات الصحيحة لعلم التحريك ) ؛ فوضع عام (1687) نشرته الأولى لمبادئه المسماة (Principia) التي تعد من أكبر السجلات التي ساهمت بنشر علم التحريك ؛ فالعالم نيوتن هو أول من صاغ بصورة صحيحة قانون الجاذبية العالمي العام للثقالة .
و قد أتى علماء كثيرون أرفدوا علم الميكانيك بكثير من الجهود و المعارف التي عملوا على دراستها و اكتشافها كالسويسري جان برنولي واضع مبدأ العمل الافتراضي
وعالم الرياضيات و الميكانيك السويسري ليونارد اويلر
و العالم الفرنسي لو روند دالمبير واضع مبدأ التوزان التحريكي لحل مسائل التحريك .
فيما خطى علم الميكانيك التقليدي خطوته الكبيرة بإدخال النظرية النسبية التي أعلنها ألبيرت آينشتاين عام (1905) التي بفضلها وضع البشر يدهم على منبع هائل من الطاقة الذرية التي استخدمت استخدامات ايجابية و أخرى عدوانية .
إن التطور التقني و العلمي الذي تعيشه البشرية اليوم تطلب الكثير من تطبيقات الميكانيك و خصوصاً علم التحريك ؛ الذي يحلل و يصمم الإنشاءات المتحركة و الساكنة المعرضة لأحمال الصدم ؛ انتقالاً لآليات الحواسيب فائقة السرعة وصولاً لمحطات التحكم الآلي للصواريخ و القذائف و السفن الفضائية و الآلات بشتى أنواعها كالعنفات و الروافع و المضخات .
ممتاز بارك الله فيك يا باشمهندس
ردحذف