لطالما كان هدف الإنسان منذ بدء إختراع المحرك البخاري وعلى مر العقود هو الإستفادة قدر الإمكان من الطاقات المتاحة له وتحويلها لطاقات يستطيع الإستفادة منها لتسهيل الحياة، كما سعى جاهِداً لتطوير شكل الاستفادة من هذه الطاقات مروراً بالاستفادة من الطاقات المتجددة والطاقات والقوى الدائمة الناتجة عن طبيعة بعض المعادن والمواد ومنها المواد المغناطيسية والطاقة المغناطيسية الناتجة عنها.
إن الطاقة الكهرومغناطيسية (Electromagnetic power) كانت المُلهم الأول لكافة علماء الهندسة والفيزياء وكانت اللبنة الأولى التي بنى عليها العالم جيمس كلارك ماكسويل( James Clerk Maxwell) معادلادته التي وضّح من خلالها كيفية توليد المجالات الكهربائيّة و المغناطيسية وكيفية تغيرها، سواء بتأثرها مع بعضها أو بتأثرها بالشحنات والتيارات الكهربائيّة.
وبنى عليها العالم ألبرت اينشتاين العديد من نظرياته.
الصورة لنبضة كهرومغناطيسية
من هُنا جائت تقنية العَوم المغناطيسي Magnatic Levitation Technology إثباتاً رائعاً واستثنائياً لروعة هذه الطاقة.
ماهي تقنية العَوم المغناطيسي؟
بقدر الغرابة في مضمون السؤال،بقدر التميز التي تتمتع به هذه التقنية.
إن تقنية العوم المغناطيسي تعني مجموعة القوى والحقول المغناطيسية الناتجة سواءً عن دارة كهربائية أو الناتجة عن مغانط فائقة القوة المغناطيسية، والتي بدورها تقوم بالتغلب على كافة التسارعات التي يفرضها حقل الجاذبية الأرضي وقِوى الضغط الجوي، بالإضافة إلى مجموعة من القوة المركزة والقوى الناتجة عن وزن الأجسام التي تقع في هذا المجال من الحقل المغناطيسي.
وبالتالي القدرة على رفع الأوزان في الهواء دون الحاجة إلى وجود قوى رافعة ملموسة حيث إنها تتم عن طريق قوى مغناطيسية وهمية.
تُعد تقنية العوم المغناطيسي من أشهر التقنيات التي يُتوقَع الاعتماد عليها في الجيل القادم من المركبات، كونها تمتلك العديد من المزايا.
الآلية الهندسية والفيزيائية لهذه التقنية
(Physics and Engineering Concepts)
. تبعاً لطبيعة المعادن(الحقول المغناطيسية الطبيعية)
(The Nature of the Conductor)
جائت هذه التقنية بدايةً من المشاهدات اليومية لظاهرة التجاذب والتنافر الفيزيائية في المغانط، وكما نعلم أن الاقطاب المختلفة تتجاذب والاقطاب المتشابهة تتنافر.
إنطلاقاً من قوة التنافر والتي تعمل على إبعاد المغانط عن بعضها البعض تم النظر من وجهة نظر هندسية إلى هذه القوة للإستفادة منها في التطبيقات الهندسية.
جميعنا نعلم أن للعديد من أنواع المعادن الصفة المغناطيسية وتختلف قوة هذه الصفة بأختلاف نوع المعدن والتركيب الكيميائي له، فعلى سبيل المثال تتمتع معادن النيوديميوم بخاصية مغناطيسية قوية تميزها عم باقي المعادن وتصل قوتها لدرجة إمكانها تحطيم عظام رجل واقعة بين مغناطيسين من هذا النوع.
فالحقول المغناطيسية لهذه المعادن بإمكانها جعل الأوزان النسبية المعدنية الواقعة في مجالها تعوم.
الصورة هي لحقل مغناطيسي لمغناطيس نيوديميوم
. تبعاً للتحريض الكهربائي (الحقول المغناطيسية المصطنعة)
(Electrical Induction )
إن تمرير تيار كهربائي في وشيعة (ملف كهرومغناطيسي) يحوي على عدد معين من اللفات و الطبقات يولد حقولاً مغناطيسية تخترق هذه الوشيعة وتتبع قوة هذه الحقول تبعاً لقطر السلك وعدد اللفات وعدد الطبقات، تقوم الحقول المغناطيسية بإنشاء قوة رفع تعاكس تسارع الجاذبية الأرضية وهي الطريقة الشائعة للأستخدام الحالي لتقنية العَوم المغناطيسي .
وقد تم مؤخراً صنع خلايا كهرومغناطيسية Super Conducting magnet فائقة القوة مصنوعة من أسلاك ومواد فائقة التوصيل يمكنها رفع أوزان كبيرة جداً حيث يصل مجال قوة الحقول المغناطيسية فيها إلى 20tesla
الصورة لوشيعة
Super Conducting magnet
القطارات المغناطيسية العائمة
(Maglev Trains)
جائت القطارات المغناطيسية دمجاً رائعاً للمفاهيم السابقة وتطبيقاً لها على أرض الواقع، فأعطت نتائج رائعة وفوائد قياسية بالمقارنة مع استهلاك الطاقة ومع السرعة التي وصلت لها حيث بلغت سرعتها فوق(600 Km/h) أي بحدود (166 m/s) وهو رقم قياسي بالمقارنة بالقطارات الأخرى.
تعتمد هذه القطارات على عدة أنظمة للعَوم(التعليق) وهي :
- (Hybrid Electromagnetic Suspension System (HEMS
- (Electromagnetic Suspension System (EMS
- (Permanent Magnet Electro-Dynamic Suspension System(PM-EDS
- (Electrodynamic Suspension(EDS
سنشرح عنها نظام:
في هذه الحالة القطار يعوم فوق سكة توجيه تكون مصنوعة عادة من معدن الفولاذ، حيث تتم عملية العَوم بفضل خلايا كهرومغناطيسية فائقة موزعة بشكل منتظم على الموجه ذو الحرف C السفلي للقطار تعمل على رفعه.
يعمل هذا النظام فقط على التيار الكهربائي، ويتم التحرك بفضل تمرير تيار كهربائي متناوب يغير قطبية الوشائع وفق مبدأ المحركات الخطية Linar Motor
مميزات قطارات العوم المغناطيسي
على خلاف كافة المركبات التي نستخدمها في حياتنا اليومية فإن أنظمة العَوم المغناطيسي لا تحوي على محركات كهربائية أو محركات احتراق تعمل على إحداث عزم دوران، وبالتالي عدم وجود أنظمة لنقل الحركة أو أماكن لتخزين الوقود أو بطاريات وبالتالي التخفيف من وزن القطار العائم الذي يعود بالفائدة على زيادة سرعته.
إي بإختصار تعد من المركبات النظيفة التي لا تلوث البيئة.
تتميز أيضاً هذه القطارات بهدوء السفر وذلك لعدم توفر أنظمة التروس التي تعمل على أحداث اهتزازات وضجة.
وكذلك بفضل عومها لا تتأثر بالاهتزازات الأرضية وبإهتزاز الدواليب المعدنية كما في القطارات الكلاسيكية.
لا تتأثر مطلقاً بقوى الإحتكاك الناتجة عن حركة الدواليب المعدنية وبالتالي التقليل من ضياع الطاقة.
ولا تحتاج إلى خطوط طاقة علوية للتغذية الكهربائيّة كما في قطارات المترو مم يحافظ على الجمال العام للبيئة.
قطار العوم المغناطيسي Virgin Hyperloop One
يُعد قطار hyperloop من أسرع القطارات التي تبنت تقنية العوم المغناطيسي لإنه يتميز عن باقي القطارات بوجود قناة خاصة فيه يتحرك داخلها تكون مفرغة من الهواء وبالتالي إهمال مقاومة الهواء العالية عند السرعات الكبيرة، ويعتمد قطار hyperloop على نظام Electrodynamic suspension للعوم المغناطيسي والذي يعد من أكثر أنظمة العوم كفاءة وجودة وسرعة.
تم في العام 2020 تجربة النسخة الأولى من هذا القطار وذلك بوجود ركاب على متنه حيث انطلقت الرحلة من صحراء نيفادا الأمريكية، و احرزت هذه الرحلة نجاحاً كبيراً من حيث السرعة والأداء.
رؤى مستقبلية لتقنية العَوم المغناطيسي
تعتبر تقنية العوم المغناطيسي من التقنيات الواعدة في مجال النقل من حيث السرعة والأداء لذلك يُتوقع الاعتماد عليها في حال وجدت التقنيات الكافية في السيارات ومركبات النقل الجماعي حيث تم البدء بتصميم بعض السيارات والقطارات التي تعتمد على هذه التقنية 
يمكن أيضاً في المستقبل الاعتماد على هذه التقنية لبناء أبنية عائمة لا تتأثر بالزلازل والاهتزازات يمكن نقلها من مكان لآخر بسهولة
تعليقات
إرسال تعليق