القائمة الرئيسية

الصفحات

ماذا تعني كلمة الهندسة و كيف بدأت و كيف تطورت و ما مقدار حاجتنا إليها اليوم



ما معنى الهندسة ؟ 

الهندسة هي كلمة مشتقة من كلمة " إندازة " الفارسية و التي تعني القدرة على حل المشكلات ؛ و لكن قبل أن يُعرِّف العرب علومهم الهندسية بكلمة هندسة ؛ جاء العالم الحسن ابن الهيثم ليطلق عليها " علم الحيلة النافعة " ؛ و مع الاختلاط و التعرف على الحضارة الفارسية قام ابن الهيثم بترجمة " إندازة " إلى العربية الفصحى لتصبح " هندسة " لعدم التقاء حرفي الدال و الزاي في كلمة واحدة في لغتنا فأصبحت على ما نعرفه اليوم و هي " هندسة " . 
أما التعريف الحقيقي لكلمة هندسة فإنه يعود لتعريفين أساسين هما:
1 _الهندسة لغوياً ( بالمعجم ) : و هي العلم الرياضي الذي يبحث في الخطوط و الأبعاد و السطوح و الزوايا و الكميات .
2 _ الهندسة اصطلاحاً : فتقسم لمصطلحين يوضحان معناها هما : 
الهندسة النظرية : وهي المبادئ و الأصول العلمية المتعلقة بخواص المادة و مصادر القوى الطبيعية و طرق استخدامها لتحقيق منفعة مادية  .
و الهندسة العملية ( التطبيقية ) : هي فن الإفادة من المبادئ و الأصول العلمية في بناء الأشياء و تنظيمها و تقويمها ، و تعتبر فيها الرياضيات و الفيزياء أدوات تساعد المهندس للقيام بوظيفته و المهام المطلوبة منه .  

أما باللغة الانكليزية فإن كلمة ( Engineering ) : و التي تعني الهندسة يعود أصلها للكلمتين اللاتينيتين :
ingenium و التي تعني الذكاء و كلمة inageniare  و تعني التصميم و الابتكار .
و المهندس( Engineer ) : كلمة مشتقة أيضا من ingenium و هو الشخص الذكي ذو القدرات العقلية الخاصة . 

كيف ظهرت الهندسة ؟ 

منذ أن خلق الله تعالى الإنسان على كوكب الأرض و وضع فيه ميزة التأقلم حتى بدأ بالبحث عن مأوى ليحميه و عذاء ليقويه و من هنا تحديداً يمكننا القول أن الهندسة بدأت مشوارها مع بني الإنسان ، فمن محاولات الصيد إلى اكتشاف النار ثم تشييد الأكواخ  كان الإنسان القديم يستعمل بدون حسابات و بدون قصد أفكاراً هندسية ساعدته على تحسين واقعه و النهوض بحاله . 

أما إذا أردنا التفتيش عن الهندسة تاريخاً و و أثرها في الحضارات القديمة فإنه لا يمكن أن يخفى عن أذهاننا أول مهندس في التاريخ و هو الوزير الفرعوني و المهندس ( أمنحوتب ) الذي شيَد  أول هرم متدرج و هنا يمكننا أن نقول أن الهندسة المدنية قد ظهرت . 

و مع قيام الحضارات و ازدياد التجمعات السكانية و بناء الدول انصرف ذهن الناس إلى الهندسة العسكرية التي ظهرت حوالي
القرن الحادي عشر قبل الميلاد ، فبُني المنجنيق و كذلك الأبراج الحربية و تطورت صناعة الحراب و النّبال ، التي كان يستخدمها الببابليين و الآشوريين ، حيث توجهت الأنظار في ذلك العصر إلى الغزو و الحروب فكانت المشكلات التي تواجههم - و تحتاج مهندسين ماهرين لحلها -  إما قلاع حصينة يجب اقتحامها بواسطة أسلحة هجومية قوية أو تشييد قلاع حصينة و تسليحها للدفاع عنها عند تعرضها للهجمات . 

و بعد ذلك تلت تلك الحقبة فترة من الحياة المدنية و الاستقرار فأصبحت البشرية بحاجة إلى الهندسة المدنية التي وفرت للسكان المنازل و أماكن السكن و يسرت حياتهم فتأمنت المواصلات و فُتحت الطرق و بُنيت الجسور و أُنشأت قنوات تغذية مياه الشرب .

و بالرغم من هذا كله نجد أن الإنسان قديماً لم يهتم بالعلوم المعمارية و الحضارة فحسب ، 
فمنذ أن أوجده الله على هذا الكوكب دأب الإنسان لصيد الكائنات من اجل التغذي عليها فاستخدم الأحجار بدايةً ثم اخترع أدوات الصيد و اكتشف النار التي كانت و لا تزال العنصر الذي يستحيل العيش بدونهِ ، إن كل ما سبق كان البرعم الصغير الذي تطور فيما بعد لشجرة عملاقة هي الهندسة الميكانيكة اليوم،

الثورات الصناعية و الهندسة 

 بدأت الهندسة الميكانيكة تتضح بمفهومها الجلي مع بداية الثورة الصناعية في أوروبا (1740م) فازدادت الحاجة إليها بسبب الاتجاه نحو بناء الآلات و الأنظمة الميكانيكة الشاملة من محركات و آليات و مصانع و خطوط إنتاج وصولاً في يومنا هذا إلى الروبوتات و الأقمار الصناعية و الطائرات النفاثة و الغواصات النووية ، حيث ظهر في تلك المرحلة - الثورة الصناعية - المحرك البخاري المصنوع على يد المهندسيَن الميكانكيين الإنكليز توماس سيفري و توماس نيوكمان في نهايات القرن السابع عشر و بدايات القرن الثامن عشر .
ما لبث أن عدًّل المهندس الأسكتلندي جيمس واط على تصاميم المهندسيَن و جعلها أكثر كفاءة .
و بالحديث عن الثورة الصناعية فإنه يجدر بنا الحديث أيضاً عن الهندسة الكهربائية فمع بدايات القرن التاسع عشر عمل المهندسون الكهربائيون على تصنيع وسائل الاتصال البسيطة ، لقد تطورت الهندسة الكهربائية بخطوات ثابتة و بشكل متناسب مع تطور باقي الأفرع الهندسية الأخرى ، فالهندسة الكهربائية بما تحويه من اختصاصات ( الطاقة و الاتصالات و الحواسيب ) يعود لها فضل كبير بما وصلت إليه البشرية اليوم من المصابيح البسيطة في غرف منازلنا وصولاً لتقانات الليزر و النانو و ما قدمته من خدمات جلية للإنسان بما فيها ميادين الطب و الصيدلة و العلوم البيولوجية . 
أما بالعودة لبحث البشر عن السكن و ميلهم إلى الحياة الحضرية فلا يمكن لنا أن نُغفل الهندسة المعمارية التي حظيت باهتمام الحضارات السابقة و كان لها فضل بالحفاظ عليها من الاندثار و الضياع ، لقد ظهرت الهندسة المعمارية كفرع أكاديمي مستقل مع بدايات القرن التاسع عشر الميلادي و تطورت بتطور جميع أقسامها لتصل إلى ما هي عليه اليوم من تحويل الصحارى إلى مناطق مأهولة تضج بالحياة و تحويل الأكواخ الصغيرة إلى أبراج تناطح السحاب . 
لقد تطرقنا في مقالنا إلى اخصاصات هندسية أساسية ولدت بعدها اختصاصات معاصرة لا تقل أهميةً و لا شأناً عنها كالهندسة 
( الطبية و الكيميائية و النووية و الزراعية و الميكاترونيكس) لا يسعنا في مقال واحد التطرق إليها كلها لكن مما لا شك فيه أنها النواة الحاضرة التي ستُبنى عليها المسيرة الهندسية القادمة في المستقبل .

أما ختاماً فعندما ننظر للاختراعات الرائدة اليوم كالطباعة ثلاثية الابعاد أو تكنولوجيا النانو أو غيرها فإننا نتأكد أنها ليست فقط وليدة عصرها بل وليدة العصور التي سلفتها فلم تكن لتكون لولا أن بدأنا من حيث انتهى الذين كانوا قبلنا ؛ نعم بمساعدة المهندسين و ابتكاراتهم تمكنا من الوصول للفضاء و لاكتشافات حيرت العلماء لآلاف السنين ، لقد صنعنا أطرافاً و قلوباً اصطناعية مؤخراً ، و باتت ناطحات السحاب التي تُبنى أعلى و أكثر كفاءةً ، و إن تساءل أحدهم عن مدى حاجتنا للهندسة اليوم ؟ فلنا أن نلتفت للماضي و نلقي نظرة على الحاضر عندها سنحصل على الإجابة بل و سندرك مدى حاجتنا المتنامية إليها مستقبلاً . 

إعداد منتصر رجَّال 

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق

إرسال تعليق

التنقل السريع